إعملوا أي حاقة بأي شيء !

" إعملوا أي حاقة بأي شيء " 

هالمصطلح على كثر غرابته إلا إنه علَّمني أن الفراغ كنز لا يفنى

كلاسات الإنجلش .. هي الزاوية السوداء في تاريخ دراستنا ، أكثر شي جابلنا التعقيد في حياتنا .. كنَّا نخاف لا تجي الساعة ثمانية وعشر وحنا ما دخلنا الكلاس ، تخيلوا ننحسب غياب !

وحنا ياويلي تونا مستجدات نسمع بسوالف وقصص الحرمان وكذا ونخاف لا يصير لنا نفس الشي ، كللللللللنا نحضر، وكللللللللنا نحضِّر المحاضرة من اليوم اللي قبل  ، بس اللي يتفاعلون ، ثنتين ثلاث والبقية عايشين أجواء الصدمة 

الله يذكرك بالخير يا مس ليلى ، لو إني من الإدارة كنت عطيتك وسام " يا مهجِّدهم "

المس اخترعت لنا مادة رائعة إسمها "dictogloss "
 يقولكم ياسادة إن هالمادة لابد وتنمى حاسة الفهم والتلخيص ، يعني تسرد لنا مقالة أو موضوع ، وممنوع نمسك الأقلام " الناس اللي يقعدون ورا كانوا يغشون " ونسمع ، بعدين نلخص اللي فهمناه .. لعن أبو الشياطين واللي مافهم شي وش يسوي

لحد يناظر مدري شلون أصلا أنا كنت أفهم كل شي

أنواع التعذيب اللي عشناها كانت تنمي بداخلنا إحساس النقص ، أيوه .. نقص إننا مانقدر نتمرَّد مثل كل الطلاب والطالبات حول العالم .. إلتزام إلتزام .. ما نعرف كيف نسحب ، ما نعرف كيف نغيب ، ما نعرف كيف نطنِّش.. أذكر مرَّة جيت من البيت يوم مطر على وجهي عشان توتوريا فيزيكس  < الدفارة

وهالإحساس ، تعوَّض على نص التيرم ، لمَّا وصلت لنا دكتورة نائلة بالسلامة .. حركات يعيّشك وبنبحك برشا .. لقينا أحد نقدر نفرِّغ فيه أنواع العقد النفسيَّة .. فمثلاً .. لو بنسوي أنا وعبير إننا بنسحب ، نروح نستأذن منها إننا بنتأخر عشر دقايق وبنجي ، لا بالله يالمهمَّات أنتِ ويَّاها  ، يعني إن المحاضرة ماراح تمشي من غيركم 

وبعدين نسحب ، ونجي بالربع الأخير 

نظام أستأذن إني أسحب .. شي 

- حاليًّا .. رواسب هالذكريات ممكن تكون تلاشت مع هموم كلاسات رابع وخامس .. لكن فعلاً على كثر ماكانت أليمة بوقتها .. على كثر ماهي أكثر شي يخلينا نضحك لاتذكرنا أيامنا فيها 

من وين بدينا .. من وين بدينا ..؟

كثير أحاول أتذكر النقطة اللي قررت منها إني أصير دكتورة .. ما ألقى
ألقى صورة المعلمة دائماً براسي ، وفي شوية صور مموهة وضايعة بالنص للدكتورة ، بس أذكر إنها كانت حالات عارضة وخيالات محضة ، المشكلة إن الخيالات المحضة هذي هي اللي تحققت 
بصراحة ، لا مب مشكلة ، يعني إن جينا للحق ، أنا جداً مبسوطة بالدرجة العلمية اللي بتخرج فيها ، بالمعلومات اللي بقدر أخدم فيها المجتمع ، بالإمكانيات اللي بقدر أواصل فيها 

وعودة للبحث عن نقطة القرار هذا ، أذكر إني تخرجت بمعدل عالي ، وأذكر إن بابا قالي إني بدخل قدرات وتحصيلي ، وأذكر إني اجتزته رغم إني ماذاكرت ولله الحمد .. وأذكر إني كنت بأول دفعه تدخل للجامعة ، يعني كلللللل الأقسام كانت مفتوحة ..
وأذكر إني وقفت قدام الكاونتر ، وسألت : وش الأقسام المفتوحة  < تحسون المرة كان ودها تقولي تستهبلين
بس صدق والله ، كنت في حيرة .. مدري هو أنا فعلاً أبي الطب أو بس عشان الناس متحمسين ..
قلت لها طب أسنان ، كذا لا إرادي ، كنت أشوف صورة دكتورة نجلاء العمودي وهي تقولي أفتحي يا قميل .. كنت أشوف شكل بابا وهو يطبع إستمارات القبول ، كنت أشوف كل الناس ، إلا نفسي .. اللي شفتها بعد شهور من هذه اللحظة .
وبعدها ، دقيت على بابا وقلت له ، بابا اخترت طب أسنان :\
وقابلت ماما برا وقلت لها ماما .. طب أسنان
كل الناس فرحانين ، فقلت ليش ما أفرح خخخخخخخ

في يوم التسجيل ، أقدر أتذكر شكل ندى ، وفاء ، حتى أنهار ، كنت أتذكر صوتها وهي تقول تبي تدخل طب عشان تتخصص تجميل !
أنهار حوَّلت معنا أسنان .. يللا .. مهو تقميل برضك 

وعدَّا الصيف كأجمل ما يكون ، والربع الأخير منه قضيناه ببيت مامامريم وكانت خالة فوزية أمي وتوديني الجامعة وكذا
بس على قد ما كنت أسوي نفسي مبسوطة ، على قد ماكان قلبي يكتم أشياء كثييييير من الصدمات اللي أتلقاها كل يوم 

شهر كامل ، وأنا أرجع للبيت وأقفل على نفسي وأبكي 
إييييييييييييييييييييييه .. ذكريات والله 

قصّ الشريط

أهلاً وسهلاً ..

وش يعني إنك طالبة طب أسنان في المملكة العربية السعودية ؟


- يعني إنك بتلبسين البالطو الأبيض أكثر من العباية السودا .. وبتنسين شكل شعرك وهو مخنوق تحت الطرحة ، وتضطرين تتجاوزين عن كثير من التفاهات المهمة بالنسبة لك ، لأنه على بالك إنك مسؤولة عن أرواح ناس 
- يعني إن حياتك يتنقلب فوق حدر ، وكثير من القوانين الوضعية في مجتمعنا بيصير حلال تجاوزها ، وبالمقابل ، بتلقين كثير من المحللات سابقاً أصبحت فجأة حراماً ..
ياخراشي.. ما تتخضوش أوي .. مو على مستوى الشريعة .. لا على مستوى العرف ، وعشان كذا .. قرار إنك تدخلين كلية صحية لابد يكون قرار مدروس ومحسوب حسابة من قبل بمدة < أهم شي إني أنا اللي أقول كذا 
- يعني إنِّك بتعيشين بالجامعة ثلاث أرباع يومك ، والربع الباقي ترجعين للبيت عشان تتروشين وتنامين عشان بكرا وراك دوام 
- يعني تنسين كل المناسبات الاجتماعية ، حتى عيد ميلادك ، ولولا الله ثم التقنية لكنتِ ما تعرفين أصلا اليوم كم !
- يعني دولابك يتحول إلى دولاب من الفلبين ، جينز وتيشيرت ، وبيجاما ! وتكتشفين في وقت المناسبات ، إن أجدد فستان عندك صار له سنتين وجسمك اسم الله عليك مقاس واحد طول عمره 
- يعني تكتشفين أحداث البيت بالصدفة ، وتلقين إنك تعرفين عن أهل مريضتك أكثر مما تعرفين عن أهلك 


تقل إني سديتها بوجهي ..!

لالا مب لذي الدرجة ، ترا الحياة حلوة ، بس نفهمها 


* في هالصفحات ، أبسرد بعض الذكريات السعيدة والأليمة لحد التخرج ، وأوعدكم إني بأبذل جهدي عشان أخليها كلها سعيدة < تكفين يالبوسنة والهرسك 



في رعاية الله .